بالرغم من كثرة مؤيديها، ودعمها من كبرى المؤسسات والشركات العالمية، وتبنيها من قبل العديد من الحكومات، تنتشر العديد من الاعتقادات الخاطئة حول البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر. منها ما قد يكون صحيحًا جزئيًّا، ومنها ما هو خاطئ تماما. نستعرض في هذا المقال أبرزها.

 

ما هي البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر؟

البرمجيات الحرة هي تلك البرمجيات المرخصة بترخيص يمنح المستخدمين الحريات الأربع: حق استخدام البرمجية ودراستها وتعديلها وإعادة توزيعها. ومن شروط إيفاء هذه الحريات أن يكون الكود المصدري للبرمجية مفتوحًا ومتاحًا للعامّة.

أما غير ذلك من البرمجيات تعد برمجيات احتكارية، وهي باختصار كل برمجية تقيّد من الحريات الأربع المذكورة.

 

«البرمجيات مفتوحة المصدر غير آمنة»

واحدة من أشهر الاعتقادات الخاطئة في عالم المصدر المفتوح هي الاعتقاد بأن الكود المصدري المتاح للعامة يجعله سهلا للمخترقين لاكتشاف الثغرات، أو أن البرمجيات مغلقة المصدر أكثر أمانًا ﻷن أكوادها المصدرية مخفية في ما يطلق عليه الأمن من خلال الغموض (Security by obscurity). قد يكون هذا الاعتقاد صحيحًا نسبيًّا، ولكن بشكل عام، الاعتماد على هذه الطريقة يقلل من أمن البرمجية. السبب في ذلك أنه في حال حصول أي اختراق، سيصعب على المطورين معرفة الثغرة التي أدت لحدوثه وسيأخذ منهم وقتا أطول في البحث عنها.

على الجانب الآخر، ستزيد إتاحة الكود المصدري للبرمجية فرص أن تُكشف الثغرات من قبل المجتمع والمساهمين، وبالتالي تُصلح هذه الثغرات في وقت أقل، ويطلق على هذه المنهجية مصطلح الأمن المفتوح (Open security).

 

«البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر دائمًا مجانية»

يسود الاعتقاد أن البرمجيات الحرة دائمًا مجانية، ولكن أن تكون البرمجية حرة لا يعني بالضرورة أنها مجانية. فقد تقدم كخدمة مدفوعة، أو تنشر بشكل مجانيّ وأشكال مدفوعة، أو أن يدفع بدل الدعم الخاص بها. ولكن معظم البرمجيات الحرة مجانية وغير ربحية وهو ما يجعل هذا الاعتقاد سائد.

 

«جودة البرمجيات مفتوحة المصدر أقل من بدائلها الاحتكارية»

يفترض المستخدم أن البرمجية الاحتكارية التي قد تكلّفه مالًا أفضل من البرمجية الحرة —التي في معظم الأحيان مجانية—. لكن بلا شك، لو قمنا بمقارنة بين البرمجيات الحرة وبدائلها الاحتكارية، من ناحية جودة، وتكاملها مع البرمجيات الأخرى، وسهولة التخصيص، وسرعة التطوير وإصلاح الأخطاء، ستفوز البرمجيات الحرة. السبب في ذلك أن البرمجيات الحرة يساهم في تطويرها مئات وأحيانًا آلاف من المساهمين بهدف تطويرها وتحسينها وإصلاح أخطائها بشكل مستمر، بينما البرمجيات الاحتكارية ينصب تركيزها على البقاء في مركز احتكار السوق وجلب أكبر عوائد ممكنة من المستخدمين بدلًا من التطوير بناءًا على رغبة المجتمع والمستخدمين.

أحد جوانب تطور البرمجيات الحرة بشكل مستمر ناتجة عن حرية دراسة أكوادها المصدرية وتعديلها وإعادة توزيعها، مما يشجع على الإبداع بشكل مستمر وظهور نسخ أخرى من البرمجية الأصلية محسّنة مع ميزات إضافية. أما البرمجيات الاحتكارية فهي بطبيعتها تساهم في تقليل المنافسة وتشجّع الاحتكار، ﻷنه لو أراد مطور ما أن ينافس برمجية احتكارية سيضطر ﻹعادة كتابتها كاملة من الصفر لعدم توفر الكود المصدري الخاص بها، مما يقلل من فرصة ظهور برمجيات منافسة أفضل.

 

«إتاحة الكود المصدري للعامّة لا يحفظ الحقوق لصاحبه»

كل برمجية مفتوحة المصدر لديها ترخيص للاستخدام، وتختلف التراخيص الموجودة من ناحية كيف يمكنك أن تستخدم الأكواد المصدرية. فهناك على سبيل المثال تراخيص تسمح لك باستخدام الكود في برمجياتك الخاصة سواء أن كانت تجارية أم لا ولكن على شرط أن تكون برمجيتك مفتوحة أيضًا، ومن جهة أخرى هناك من التراخيص ما يعطيك كامل الحرية في استخدامها كيفما شئت. إذا انتهك شخص أو جهة ما ترخيص برمجية مفتوحة المصدر قد يتعرض للمساءلة القانونية.

 

ما يزال هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة حول البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر، لكن يبقى دورك كمستخدم وهو أن تعطيها الفرصة بتجربتها حتى تصحح أي مفاهيم خاطئة أخرى.