هذه المقالة تتناول الفوائد التي يغنم بها أي فريق أو مشروع عبر التفاعل مع مجتمعات المصدر المفتوح المرتبطة بذلك المشروع. هناك عدد لا يحصى من مقالاتٍ أفضل من هذه وموارد رائعة تثري هذا الموضوع، ولكنني أردتُ ترتيب أفكاري حوله وهاكم النتيجة.

 

التعاون مع الخبراء

عندما أرغب في التعمق في موضوعٍ ما أسعى للمساهمة في مشروع قريب مما أريد تعلمه. المطورون الأساسيون في مكتبة أو مشروع يملكون الخبرات لبدء مشروعٍ وتشغيله. ولذلك عندما تساهم في تلك المكتبات فأنت تضع عملك بين أيدي اولئك الخبراء وهذا بحد ذاته قيّمٌ جدًا.

إذا استمررت في العمل على المشروع وكان المشروع مفتوحًا والشركاء سعداء بمساهماتك فإنك ستنغمس فيه أكثر فأكثر، وفي لحظة ما سوف تُقدّر آراؤك وتصبحُ ذا رأيٍ يساهِم في توجيه المشروع بشكل عام. وحينها يمكنك العمل سوية مع المساهمين والمطورين الأساسيين على حل مشاكل وتنفيذ مشاريع أكثر أهمية بالنسبة لك واتصالًا بما تسعى إليه.

كل ما سبق يبدو جيدًا ولكن لم تتضح الفائدة العائدة على فريقك أو الشركة التي تعمل فيها. ولذلك عليك أن تفكّر من منظور اكتساب المواهب. اكتشاف الخبراء في أي مجالٍ تجول فيه ليس بالأمر السهل في أغلب الأوقات. وكلما زاد عدد الخبراء ارتفعت جودة المنتج الذي تعملون على تصميمه. والآن لو أتيح لنا الوصول إلى مجموعة من الخبراء في موضوعٍ ما وكانت لدينا القدرة على الأخذ بمشورتهم وأن يعملوا على تحسين منتجنا، ألن يكون الوضع أفضل؟ العمل في مشروع مفتوح المصدر يتيح لك ذلك مباشرة. يمكنك العمل على الجزء الذي يرتبط بمنتجك أو بهدفك، وبما أن المطورين والمساهمين أولئك يكترثون لما يحصل في مكتبتهم، سيبذلون قصارى جهدهم لتحويل مساهمتك إلى أفضل حال. وعمليًا يعني ذاك أنك ستحصل على مساهمتهم المباشرة في مشروعك.

ما سلف ينطبق أغلب الأوقات، وليس دائمًا، على المكتبات الأقل تطورًا في مجال العلوم والتكنولوجيا لا تلك المكتبات الأكثر تجذًرًا. هنالك منافع أخرى لفريقك أو شركتك إن ساهمت في النوع الثاني من المكتبات.

خذ هذا المثال، أثناء عملنا على بطاقات النماذج في «زلاندو» كان علينا أن نضع معايير لتسميات المقاييس المرتبطة بالعدل في الأفرقة المختلفة. مجتمع العدل ما زال في طور النمو بما يخص المقاييس وأسماءها وحالات استخدامها، يمكنك أن تجد عدة مسميات لمقياس واحد أو اسم شائع لا يشير إلى أي مقياس بعينه. وهذا أمرٌ نهتم به في مكتبة «فير ليرن» (وهي مكتبة صممت في الأصل من عاملين في مايكروسوفت وهي الآن مشروع عام)، ولهذا كنت أعملُ على إدراج توثيقها في مكتبة «فير ليرن». وهذا يعني أنني كنت أحصل على التغذية الراجعة من الخبراء في مجال قبل أن تضاف مساهمتي في التوثيق.

عندما تترك فقاعتك، سواء كانت الشركة التي تعمل فيها أو فريقك الأكاديمي، تكتشف القدرات الفكرية الجليلة في الخارج، وكم الفائدة التي ستحصل عليها من العمل مع أشخاص من شتى أنحاء العالم، والتي ستحسّن من كفاءة عملك!

 

الابتكار

هذه النقطة مرتبطة إلى حد ما بالنقطة السابقة. الابتكار الناتج عن العمل المشترك بين أفرقة من خلفيات متعددة يسمو بالقيمة ويتسم بالسرعة. قد يبدو لك المصدر المفتوح بطيئًا عندما تحد النظر بأمر سحب لوحده أو مشكلة بذاتها، وخصوصًا عندما يكون المشروع المعني قد قطع باعًا طويلًا، ولكن حتى في تلك المشاريع قد تطرأ تغيرات تحوّل المشهد بأكمله. وهذا أمر يحصل بوضوح أكثر في المكتبات الناشئة والتي ما زالت قيد التطوير وبالأخص عندما يكون العاملون عليها يختلفون بالخلفيات والاهتمامات.

لا يحصل أبدًا أن يتساوى الناتج الإبداعي لشخصين يعيشان ويعملان في مدينة وبيئة واحدة مع الناتج الإبداعي لأشخاصٍ يعيشون في قارّات مختلفة ويعملون في مجالات متباعدة عمليًا وأكاديميًا.

في العادة يكون الحل الأكثر إبداعًا ناشئ من شركة ما ولكن سرعان ما يمسي المشروع شائبًا وشاحبًا عند مقارنته بالمشاريع الشابّة في الخارج. العمل مع جهات خارج فقاعتك توفقك في مواكبة الزمان والبقاء على صلة مع مجريات الأمور.

 

اكتساب المواهب

لن يكون فريقك جذابًا للآخرين إلا إن علموا طبيعة عملك وراق لهم ما تصنع. إن كنتَ تعمل على شيء يستخدمه جمهورك المستهدف فهم سيلاحظون ذلك  قريبًا وستعجبهم فكرة العمل في مكان يساهم في تحسين كُلٍّ من أدواتهم وأفكارهم المحببة.

إذا أردتُ ضم عضو جديد إلى فريقي، فسيكون من الأسهل علي أن أخاطبهم وأقول ”نحن بحاجة إلى أشخاص للانضمام إلينا، وإن كنتَ تتساءل عن عملنا فنحن نعمل أيضًا على كذا“، من أن أشرح لهم بالتفاصيل طبيعة العمل وكيف يمكن أن يثير هذا العمل اهتمام الأعضاء المحتملين.

وهذا حاصل سواء فتحتَ مشروعًا مفتوح المصدر أو ساهمت في مشروعٍ موجودٍ أصلًا، وفي كلتا الحالتين هناك منافع وتحديات مختلفة.

والعمل على أي مشروع بشكل مفتوح يضعه في ثقافة مفتوحة تجذب الكثيرين. ولكن خذ بعين الاعتبار أن الثقافة المفتوحة فيها ما فيها من إشكاليات تتعلق بالتنوّع والشمول وعليك أن تعمل على إيجاد الحلول بفعالية لأن التناغم في الفريق لا يحصل من تلقاء نفسه.

 

ديمومة الاعتماد

إذا اعتمد مشروعك على شيءٍ ما فأنت تريد ديمومته واستمرارية تطويره. مهما كانت المكتبة متطورة، لو تأجّل آخر تحديثٍ لها بعض الشيء فهي ستمسي خطرًا على عملياتك.

هناك عدة طرق تمكّن الشركة من ضمان استمرارية ما تعتمد عليه، إحداها هي تمويل المشروع كي تتأكد من استمرار المطورين في أن يقوموا بأعمالهم، طريقة أخرى هي أن تجعلها مهمة الموظفين بالعمل المستمر على المشروع والحرص على أن يبقَ فعّالًا.

 

ملاحظات ختامية

فوائد العمل مع مجتمع على مشروع مفتوح المصدر لا تظهر بالضرورة لمن لم يعمل في مثل تلك البيئة سابقًا. أنا حتمًا لم أكن على دراية بأي مما ذكرت هنا قبل أن أتفاعل مع عدة مجتمعات، وأنا متأكد من أن هذا غيضٌ من فيض ما سوف أتعلم.

وأريد أن أشدد على أهمية جانب ”المجتمع“ هنا. لو ملكتَ مكتبة مفتوحة المصدر وكنتَ المساهم الوحيد فيها فلن تحصل على الكثير. معظم ما ذكرتُه في المقالة هي منافع العمل مع مجتمعات وليس لأن العمل هو مفتوح المصدر فحسب. وهذا يحتّم عليك أن تعي التحديات المتمثلة أمامك عندما تنشئ مجتمعًا أو تعمل معه. على سبيل المثال لا يمكنك أن تلتقي بالخفاء مع بعض الأعضاء وثم تطلب أمر سحبٍ وتغيّر في مكتبتك. عليك أن تحرص على أن ترحّب بأي شخصٍ يأتي إلى موقعك أو مرجعيتك، وأن تشعره بأنه جزء من كل النقاشات. كما يعني أن واجبك هو أخذ المدخلات بعين الاعتبار وأن تبقيها في تفاعل دائم.

بالإضافة لما سبق، عندما تتفاعل مع مجتمع موجودٍ أصلًأ عليك أن تتذكر أن بعض الوقت مطلوب حتى تصير محلّ ثقة وتؤخذ بجدية في أعينهم. عليك أن تعمل على ما اتفقوا عليه مسبقًا، قبل أن تضع بصمتك على المشروع.

بالمحصلة أنا أؤمن بأن التفاعل مع تلك المشاريع يستحق الخوض في تلك التحديات وأن المنفعة التي ستكتسبها تستحق تحمل المعمعة.

 

 

تمت إعادة نشر هذا المقال من مدونة أدرين https://adrin.info/blog.html وفقًا لرخصة المشاع الإبداعي - Creative Commons، للإطلاع على المقال الأصلي.